منتديات الشرقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الشرقية

كل مايخص ابداع منتديات الشرقية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أيمن الجزائري
عضو متميز
عضو متميز
أيمن الجزائري


ذكر عدد الرسائل : 314
تاريخ التسجيل : 20/08/2007

عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8 Empty
مُساهمةموضوع: عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8   عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 21, 2007 4:59 pm

بداية الدعوة



الخطوة الأولى نحو التعليم المسجدي - تعليم الكبار

البدء في تنفيذ المشروع التربوي المتكامل

أول مدرسة عربية أنشأها ابن باديس

جمعية التربية والتعليم الإسلامية

الدعوة إلى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين





















الخطوة الأولى نحو التعليم المسجدي - تعليم الكبار

انطلقت الجهود الأولة نحو التعليم المسجدي وذلك عام 1913. وكانت البداية من الجامع الكبير, حيث بدأ يدرس بلعض الطلبة, وكان الكتاب المركز عليه هو كتاب الشفاء للقاضي عياض, أما العامة فكان يقدم لهم دروسا في الوعظ والارشاد, غير أن مدّة تعليمه في الجامع الكبير لم تظل, لأن مفتى المدينة والمسؤول عن الشؤون الدينية فيها : الشيخ المولد بن الموهوب الإمام الخطيب بهذا الجامع, منعه من مواصلة التدريس, بحجة أنه لا يملك إذنا بذلك, والحقيقة أن الشاب عبد الحميد رُخِّص له في ذلك, فقد اتصل والده بوالي الولاية, وسعى له في الحصول على إذن بالتدريس في الجامع الكبير, فأذن له, ولكنه إذن شفوي, ولما شرع الشاب في التدريس اعتبر الشيخ بن الموهوب هذا العمل اعتداء على سلطته, لأنه لم يُستشر في ذلك, وحتى غذا كان والد الشاب سعى واستشار والي الولاية (عامل العمالة) فإن الشيخ ابن الموهوب اعتبر ذلك تدخلا سافرا فيما هو من اختصاصه, لأن والد الشاب حتى وان كان نائبا ساميا في عدة دوائر انتخابية ومالية على مستوى البلدية والعمالة والوطن, وله مكانته, إلا أنه رجل سياسة لا دخل له في الشؤون الدينية, هذا الأمر أثار حساسية ابن الموهوب, ومن هنا بدأت المواجهة بينه وبين المعلم الشاب, الذي لم يكن هدفه سوى نشر المعرفة وخدمة بلاده, فسعى الشيخ المفتي في منع المدرس الشاب من التدريس, ولكن هذا الأخير لم يتوقف, بل تمادى, فكلف المفتي من يشوش عليه, ويطفئ المصابيح وقت الدرس, ولكن الشاب عبد الحميد لم يستسلم, وكلف طلابه أن يحضروا الشموع ليدرسوا تحت ضوئها, وقابل المفتي عناد هذا الشاب المدرس يتصرف آخر, فأمر أحد اتباعه (الحاج القريشي) بالتصدي له ومنعه, فجاء واطبق دفتي الكتاب أمام المدرس عبد الحميد, وأطفا الشموع, وكادت تقع فتنة بينه وبين الطلاب, في بيت الله, ولكن المعلم المؤدب أخمد الفتنة وهدّأ طلابه, وكلهم شباب متحمس مندفع, باستطاعتهم الفتك بهذا الموظف, أو توقيفه عند حده, لو لم يمتثلوا لمعلمهم.

تأثر الفتى عبد الحميد لهذه المعاملة السيئة في بيت الله ومن مفتي المدينة وحامي حمى الإسلام فيها, فعزم على أمر كتمه في نفسه, فصرف تلاميذه وأمرهم بترك الجامع والدرس, وفكر في الهجرة من جيدي واللحاق بأستاذه المهاجر, ولكنه يعلم أن والده لا يوافقه فغلف هذا العزم بفكرة اخرى قد يقبلها ابوه وهي الحج إلى بيت الله الحرام, ففاتح اباه في الموضع وابدى رغبته في الذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج, فقبل والده ووافقه, وهيأ له الأسباب التي تمكنه من تحقيق هذه الرغبة.










البدء في تنفيذ المشروع التربوي المتكامل

عاد الشاب عبد الحميد ابن باديس إلى بلاده بعد الرحلات العلمية التي قادته إلى تونس, ثم إلى الحجاز ومصر وسوريا ولبنان, والتحاور مع علماء هذه البلدان, عاد إلى بلاده بعد أن تفتح ذهنه على بعض الافكار التي استمدها من كتب بعض علماء السلف, أو من العلماء المعاصرين أو محاورات العلماء الذين اتصل بهم في هذه الرحلة, عاد وفي ذهنه مشروع كبير صممه مع رفيقه الأستاذ البشير الإبراهيمي الذي إلتقى في المدينة المنورة, ويقصي هذا المشروع بضبط خطة إصلاحية متعددة الأوجه, تنطلق أساس من التعليم والتثقيف ثم تتوسع لتشمل مجالات أخرى, وتعتمد وسائل أخرى كذلك.

وبمجرد أن عاد غلى بلدة شرع على الفور في تنفيذ خطوات المشروع المتكامل الذي كان قد بداه قبل سفره إلى الحجاز والذي يرتكز على العمل الاصلاحي من خلال نشر التعليم وتربية الاجيال. بدأ يعلم الناس ويرشدهم, ويبثّ الوعس في النفوس ليكون منهم الصلائع الأولى التي ستنهض بخدمة البلاد, وتقود قوافل النضال إلى ميادين الجهاد المختلفة, ليتم على ايدي تحرير البلاد وتخليصها من كل أشكال الظلم و الاستعباد.

إن الخطة التي اتبعها منذ البداية تتألف من مجالين : تعليم الطلاب المتفرغين لتلفي العلم, وتعليم العامة وتثقيفهم, هذا بالنسبة إلى التعليم الخاص بالكبار, أما التعليم الموجه لأطفال الكتاتيب فقد أوكل أمره إلى بعض طلابه, بعد أن خط لهم النهج الذي ينبغي أن يسيروا عليه, (أي اتباع الأسلوب الذي اتبعه في بداية الأمر, حين اشتغل بتعليم صغار الكتاتيب, قبل أن يتفرّغ للتعليم المسجدي المنظم).

وحتى لا يتكرر ما حدث بينه وبين الشيخ ابن الموهوبفي بداية استصدر له ابوه رخصة رسمية من والي ولاية قسنطينة تسمح له بأن يدرس بالمجّان في (الجامع الأخضر) أحد المساجد الثلاثة الجامعة في المدينة التي تشرف عليها الحكومة.

وهكذا بدأ التدريس هذه المرة وفي يديه إذن قانوني, يخوّل له ذلك, فنظّم دروسا لعامة الناس, وأخرى خاصة بالطلبة الوافدين يلقى بعضها في الجامع الأخضروبعضها في مسجد سيدي قموش, لا يتقاضى على عمله من الحكومة ولا غيرها أجرا. وكان من دروسه العامة تفسير القرآن والحديث النبوي الشريف من الموطأ. أما الدروس الموجهة للطلبة فتختلف حسب مستوى كل طبقة, ويركز فيها على العلوم الدينية واللغوية والتاريخ الغسلامي والتوحيد والمنطق وغير ذلك من العلوم التي تدخل في تكوين الطالب.

وقد جعل من هذا الجامع الذي أصبح قبلة الوافدين على طلب العلم, فيما بعد معهدا علميا ينتسب إليه طلبة العلم وفق شروط تنظمية, ويتلقون فيه فنون المعرفة حسب المرنامج المسطر لكل مستوى من المستويات الاربعةالتي تمثل مرحلة تعليمية بكاملها يحصل الطالب بعدها على تقدير اعتباري يخول له الانتقال إلى تونس لإكمال دراسته, أو الانتصاب للتدريس.

ونظرا لأهمية التي يعطيها ابن باديس لشمولية العمل التربوي والتعليمي فتح المجال لدروس التثقيف العام لعموم الناس, وفي الأوقات الملائمة لهم, وكانت دروس تفسير القرآن الكريم أهم هذه الدروس, التي كان يحضرها جمع غفير يقدر بالمئات والتي لم تتوقف طوال حياته.

ومما يرحظ أن الشيخ ابن باديس كان يضطلع بهذه الأدوار المختلفة وحده وخاصة في بداية الأمر, لذلك كان يشتغل النهار كله وجزءا من الليل خصوصا بعدما أضاف دروسا خاصة بالشباب الذين هم بحاجة إلى تعلم لغتهم ودينهم وتاريخهم وثقافتهم الإسلامية.

وبعد أن اكتمل نظام التعليم المسجدي بقسميه الخاص والعام, وبدأ يعطي ثماره الأولى راى الشيخ أن هناك واجبا وطنيا آخر يجب أن يضطلع به ويدرجه ضمن مشروعه التربوي والاصلاحي, هو تعليم الأطفال الذي بلغوا سن التعلم, ولم يجدوا مكانا لهم في المدارس الحكومية, أو الذين يدرسون في هذه المدارس ولكنهم بحاجة إلى تعلم لغتهم ومعرفة دينهم وتاريخهم, فاسس سنة 1926 أول نواة للتعليم الابتدائي الحر, حيث أنشأ مدرسة بمسجد سيدي بومعزة, وأطلق عليها اسم المكتب العربي "المكتب مرادف للفظة الكتّاب" وأسند إدارتها إلى أحد طلابه الأوائل هو الشيخ مبارك الميلي بعد تخرجه من جامع الزيتونة, ثم انتقل إلى مقر الجمعية الخيرية لإتساعه وتعدد حجراته ووسع نطاق عملها, وشكل هيئة للإشراف عليها سماها (جمعية التربية والتعليم الإسلامية), واستعان ببعض المشايخ من طلابه ومن المتخرجين من جامع الزيتونة في توسيع التعليم المدرسي الذي سيعرف في المستقبل مع جمعية العلماء نهضة وتوسعا كبيرين, وهذه البداية تدل على أن الشيخ كان يفكر جديا في وضع أسس صحيحة لتعليم إسلامي عصري.










أول مدرسة عربية أنشأها ابن باديس

وقبل أن يُنشأ المكتب العربي (المدرسة الابتدائية) لم يكن هناك اهتمام بتعليم الصغار غذا استثنينا الكتاتيب القرىنية المتصلة بالمساجد والزوايا, والتي كان التعليم فيها يجري على الطريقة القديمة, ويكتفي فيها بتحفيظ القرآن.

يقول ابن باديس : "كان التعليم المسجدي بقسنطينة قاصرا على الكبار, ولم يكن للصغار إلا الكتاتيب القرآنية, فلما يسّر الله لي الانتصاب للتعليم عام 1332 هـ (1913م) جعلت من جملة دروسي تعليم صغار الكتاتيب القرآنية بعد خروجهم منها في آخر الصبيحة وآخر العشية, فكان ذلك أول عهد الناس بتعليم الصغار في قسنطينة.

ثم بعد بضع سنوات رآى جماعة من الفضلاء المتصلين بي تاسيس مكتب أي مدرسة يكون أساسا للتعليم الابتدائي العربي, فأسسناه... وكان الأخوان الفاضلان السيد العربي والسيد عمر بن مغسولة قد اشتريا مسجد سيدي بومعزة, والبناء المتصل به, وكان فوق بيت الصلاة محل للسكنى بالكراء فأزالاه عن ذلك, وأبقياه محلا فارغا, فجعلناه هو محل (المكتب) وذلك عام 1926.

"ثم نقلناه إلى بناية الجمعية الخيرية لاتساعها... وفي سنة 1930م - 1349هـ رأيت أن أخطو بالمكتب خطوة جديدة, وأخرجه من (مكتب جماعة) إلى (مدرسة جمعية) فحررت القانون الأساسي (لجمعية التربية والتعليم الإسلامية), وقدمته باسم الجماعة المؤسسة إلى الحكومة فوقع النصديق عليه". - نشرة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة سنة 1936 ص 1و2.

وقد اثرت هذه الجهود التي انطلقت في مجال التعليم المدرسي الحّر بقسنطينة في بعض الجهات الأخرى فقام المخلصون فيها بإنشاء مدارس للتعليم القومي في تلك الفترة ومن اشهر هذه المدارس التي ادت دورا مهما (مدرسة الشبيبة الغسلامية بمدينة الجزائر) من عام 1927 إلى أن استولت عليها الإدارة الاستعمارية.

"ومن بين رجالات الفكر والأدب الذين اشتركوا في التدريس بها (الهادي السنوسي, محمد العيد آل خليفة, عبد الرحمان الجيلالي, باعزيز بن عمرو, جلول البدوي وفرحات الدراجي وغيرهم".

ومما تجدر الإشارة إليه أن التشاط التعليمي الذي جعل منه ابن باديس مدخلا حيويا لتحقيق أهداف الحركة الإصلاحية لم يكن نشاطا تعليميا عاديا يستهدف فقط تلقين المعرفة, وأدوات اكتسابها وإنما كان له هدف أسمى من ذلك, إذ كان يسعى إلى بناء جيل جديد, يحمل الفكرة الإصلاحية, وينشرها ويدافع عنها, كما كان يسعى إلى إصلاح التعليم نفسه : "وإذا كانت التربية والتعليم أحد المقاصد الأساسية للإصلاح الإسلامي بالجزائر فإن التعليم المسجدي على وجه الخصوص يعتبر من أهم الوسائل التي لجا إليها الشيخ عبد الحميد بن باديس للتوعية والتثقيف, وفضلا عن كونه وسيلة لإنعاش الفكر وتهذيب النفس, فإنه سلاح سياسي للرد على الاستعمار والذود عن الإسلام والعربية باعتبارهما من مقومات الأمة الجزائرية.










جمعية التربية والتعليم الإسلامية

وهي أول جمعية إسلامية تعنى بالتربية والتعليم، يرخّص لها في قسنطينة، وقد كان مكتب التعليم العربي النواة الأولى التي انبثقت عنها هذه الجمعية، التي اختارت الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيسًا لها.

وعن تأسيس هذه الجمعية يقول ابن باديس: (وفي سنة 1349هـ ـ 1930م، رأيت أن أخطو بالمكتب -مكتب التعليم العربي- خطوة جديدة، وأخرجه من مكتب جماعة إلى مدرسة جمعية، فحررت القانون الأساس لجميعة التربية والتعليم الإسلامية، وقدّمته باسم الجماعة المؤسسة إلى الحكومة، فوقع التصديق عليه).

وقد تميّزت طبيعة المرحلة التي أنشئت فيها هذه الجمعية بعدة أمور، نذكر منها ما يلي:

1 ـ تضاعف نشاط الإرساليات التبشيرية في الجزائر.

2 ـ انحسار التعليم العربي الإسلامي.

3 ـ مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسي للجزائر.

ولذلك فقد أخذ القانون الأساس للجمعية تلك المعطيات وغيرها بعين الاعتبار، وركّز على الجوانب الآتية:
1 ـ جعل المقصد الرئيس لهذه الجمعيــة هو نشــر الأخــلاق الفاضلــة والمعارف العربية والفرنسية، وعدم الخوض في الأمور السياسية، تفاديًا للاصطدام بالسلطات، التي تعيش في غمرة التحضير لاحتفالات مرور قرن على الاحتلال.

2 ـ تأسيس مكتب لتعليــم أبنــاء المسلمين الذين لــم يتمكنـــوا من الالتحاق بالمدارس الحكومية، وتثقيف أفكارهم بالعلم باللسانين العربي والفرنسي.

3 ـ تأسيس ملجأ لإيواء اليتامى، الذين تتربص بهم البعثات التنصيرية لاحتوائهم وإبعادهم عن دينهم.

4 ـ تأسيس معمل للصنائع، بمثابة ورشات يتدرّب فيه الطلبة على مختلف الحرف، حتى إذا ما تخرّجوا سَهُل اندماجهم في الحياة العامة.

5 ـ إرسال البعثــات العلميــة إلى بعض جامعــات الـدول الإسلاميــة، لإتمام تحصيلهم العلمي، وإعدادهم لغد مشرق، يكونون فيه -بإذن الله- قادة يسوسون أمتهم وأمور حياتهم، ويجمعون شتاتها، ويعيدون لها أمجادها وقوتها.

كما عزمت الجمعية على فتح قسم خاص لتعليم البنات، وتربيتهن التربيـة الإسلاميـة الصحيحة، إدراكًا بأن المجتمع لا يمكن أن ينهض إلا بالجنسين، الرجل والمرأة، كمثل الطائر لا يطير إلا بجناحيه.
ويشرح لنا ابن باديس أهمية ذلك فيقول: (إذا أردنا أن نكوِّن رجالاً، فعلينا أن نكوِّن أمهات دينيات، ولا سبيل لذلك إلا بتعليم البنات تعليمًا دينيًا، وتربيتهن تربية إسلاميـة.. وإذا تركناهنّ علـى ما هنّ عليه من الجهل بالدين، فمحال أن نرجو منهن أن يكوِّنَّ لنا عظماء الرجال). وقد جعلت الجمعية تعليم البنات مجانًا، لتتكون منهن -إن شاء الله- المـرأة المسلمـة المتعلمـة. وأمـا البنون فلا يدفع منهـم نفقـات التعليم إلا القادرون على ذلك، وهي في الحقيقة نفقات رمزية، سعيًا لتيسير الاشتراك على جميع طبقات الأمة.

إن جوانب الإصلاح الإسلامي كثيرة ومتعددة، إلا أن جمعية التربية والتعليم الإسلامية اهتمت بالنشاط التربوي، والتعليم بوجه خاص، ذلك لأهمية هذا القطاع وحيويته بالنسبة لمستقبل الأمة، وتماشيًا مع ما تتطلبه تلك المرحلة من أولويات. وما هي إلا أشهر قليلة إلا والعلماء في الجزائر يستعينون بأداة عصرية أخرى في حركتهم الإصلاحية، حيث أسسوا جمعية لهم تجمع شملهم وتوحّد صفوفهم.

فكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، استجابة واعية لما تقتضيه التحديات الخطيرة، التي تواجهها الأمة الجزائرية في تلك المرحلة.

ولإن اقتصرت جمعية التربية والتعليم الإسلامي على جانب التربية والتعليم، فإن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وسّعت نشاطها ليشمل جوانب أخرى من حياة الأمة، وفق منهج واضح وأهداف محددة.









الدعوة إلى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

بعد العشر سنوات التي قضاها ابن باديس مجاهدا بمفرده يعلم الناس ويرشدهم ويصحح لهم أمور دينهم, ويستنهض همم العلماء الذين تقاعسوا عن واجباتهم في بث الوعي الوطني والدين, تأكد لديه أن معركة الدفاع عن الجزائر وعن مقوماتها لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد, أو جماعة محدودة العدد, وبسلاح واحد, لذلك بدأ تفكيره يتجه إلى توسيع الخطة الاصلاحية التي شرع في تنفيذها منذ رجوعه من الحجاز عام 1913, وهكذا وابتداءا من سنة 1924 أخذ يتطلع إلى الدخول في مرحلة جديدة تتكامل فيها وسائل العمل النضالي ويوجه فيها جهد المخلصين من أبناء هذا الوطن للتصدّي لإفشال سياسة الاستعمار, والقيام بواجب خدمة الوطن والدين واللغة, وإصلاح الأوضاع الثقافية والاجتماعية والسياسية, والسعي إلى تحقيق يقظة فكرية, وبعث شعور قومي, ووعي سياسي وديني, يدفع الحركة الاصلاحية إلى الأمام. وكان من الطبيعي أن يتطلع ابن باديس إلى استكمال الأدوات التي تحتاج إليها الحركة الاصلاحية, وتأسيس الهيئات التي تشد عضده, وتعينه على أداء المهمة الثقيلة وكانت في ذهنه عدة أمور منها :

تأسيس نواة للعمل الصحافي, وقد تم ذلك في عام 1925 باصدار أول صحيفة له (المنتقد) وإنشاء هيئة لتنظيم التعليم الحر والإشراف عليه وكان عام 1930 حين تم إنشاء (جمعية التربية والتعليم الإسلامية) وهيئة أخرى تكون بمثابة مجلس علمي أو حزب ديني تتولى تنشيط الحركة الاصلاحية في جميع توجهاتها, وتنهض بأعباء الاصلاح والإرشاد والدعوة الإسلامية والتوعية السياسية والدينية, هيئة تضم العلماء وتجندهم لخدمة البلاد والوقوف في وجه الاستعمار, وهذه هي (جمعية العلماء) التي ستظهر إلى الوجود في عام 1931, كما سيأتي.

كما كان في ذهن ابن باديس إنشاء شبكة من المدارس والمعاهد للتعليم الحرّ تتوج في النهاية بكلية للتعليم العالي, وإحداث نظام ايفاد البعثات إلى الخارج, لكن المنية لم تمهله حتى ينجز كل هذه المشاريع, وخاصة المشروعين الأخيرين.

إذن بدأ التفكير في كل هذه الأمور في الفترة التي سبقت تأسيس جمعية العلماء أي من عام 1924. وكانت فكرة إنشاء جمعية العلماء هي الفكرة المسيطرة على تفكير ابن باديس لذلك عرضها على الشيخ البشير الإبراهيمي حين زاره في مدينة سطيف التي اتخذها هذا الأخير مقرا له بعد عودته من المشرق في عام 1920, وما يذكر في هذا الصدد أنه إلتقى به المدينة المنورة في اثناء رحلة الحج, وتباحث معه في شأن الجزائر والظروف التي تمرّبها, وتعاهدا منذ ذلك الوقت على التفكير في وضع خطة لتخليص البلاد من محنتها, وخدمة دينها ولغتها, وتربية أجيالها. وفي هذا اللقاء طلب منه ابن باديس أن يفكر معه في إنشاء جمعية يختار لها جمع من العلماء المؤمنين الشاعرين بمحنة بلادهم والقادرين على الأخذ بيدها, واصلاح حالها والاضطلاع بهمة مكافحة أشكال الانحراف والبدع التي تعرفها, والوقوّف في وجه مخططات الاستعمار, جمعية تستطيع القيام بهذا العبء الذي كان ابن باديس ينظر إليه على أنه السبيل لتحضير الشعب لخوض معركة المصير, لأن الاضطلاع بالعبء الاصلاحي والتربوي.

وهكذا بدات الفكرة تنمو وتختمر في اذهان الذين وصلت إليهم, وكان نادي الترقي بالعاصمة الذي كانت تلقى بها المحاضرات, ويلتقي فيه المثقفون المجال الحي الذي نمى فكرة إنشاء جمعيو العلماء, وهيا المناخ الفكري لها, ومن الأمور التي هيات الجوالفكري لهذه الجمعية هو أن ابن باديس بادر بإنشاء الصحف التي تنشر الأفكار الاصلاحية والمبادئ التي تقوم عليها هذه الافكار, حيث دعا ابن باديس في مختلف الصحف إلى اتحاد العلماء وتجمعهم, والاتفاق على خطة عمل لإصلاح الأوضاع الدينية والتعليمية والاجتماعية والسياسية, فهو يشير هنا إلى ضرورة إنشاء جمعية من العلماء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
m.m566m.m
المدير العام
المدير العام
m.m566m.m


ذكر عدد الرسائل : 2236
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8   عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 21, 2007 5:04 pm

شكرا على الموضوع المهم والى الامام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.shrqiia.com/
 
عبد الحميد بن باديس ..الحلقة 8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الشرقية :: علوم وثقافة :: اناس عظماء وشخصيات وحوادث محفوظة في الذاكرة-
انتقل الى: