الا ياعبل ضيعت العهود
ألا يا عبل ضيعتِ العُهودا
وأمسَى حبكِ الماضي صُدُودا
وما زالَ الشبابُ ولا اكتهلنا
ولا أبْلى الزَّمانُ لنا جديدا
وما زالتْ صوارمنا حداداً
تَقُدُّ بها أنامِلُنا الحديدا
سَلي عنَّا الفزاريّينَ لمَّا
شَفَيْنَا مِنْ فَوَارسها الكُبُودا
وخلينا نسائهمُ حيارى
قُبَيْلَ الصُّبْحِ يَلْطِمْنَ الخُدُودا
مَلأْنا سائِرَ الأَقطار خَوْفاً
فأضحى العالمونَ لنا عبيدا
وجاوزنا الثريا في علاها
ولم نَتْرُك لقَاصِدَنا وَفُودا
إذا بَلَغَ الفِطامَ لنا صبيٌّ
تَخِرُّ لهُ أعاديَنا سُجُودا
فمن يقصدْ بداهية ٍ الينا
يرى منا جبابرة ً أسودا
ويَوْمَ البَذْلِ نعْطي ما مَلَكْنا
ونملا الأرضَ إحسانا وجودا
وننعلُ خيلنا في كلَّ حربٍ
عِظاماً دامياتٍ أَوْ جلُودا
فَهَلْ مَنْ يُبْلغ النُّعْمانَ عنَّا
مَقالاً سَوْفَ يَبْلغهُ رشيدا
إذا عادتْ بَنو الأَعْجام تَهوي
وقد وَلَّتْ ونَكَّسَت البنُودا
فخر الرجال سلاسل وقيود
فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ
و اذا غبارالخيل مد رواقة
سُكْري بهِ لا ما جنى العُنْقودُ
يادهرُ لا تبق عليَّ فقد دنا
ما كنتُ أطلبُ قبلَ ذا وأريد
فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ
والعَيشُ بعد فِراقها منكُودُ
يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي
ان كان جفنك بالدموع يجود
يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى
صَرْفُ الزَّمانِ عليَّ وهُوَ حَسُودُ
يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي
في كل يومٍ ذكرهنّ جديد
لهفى عليك اذا بقيتى سبية
تَدْعينَ عنْترَ وهوَ عنكِ بعيدُ
ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ
وجيوشها قد ضاق عنها البيد
وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها
لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا
فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود
يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ
والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ
فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ
والدَّهرُ يَبخُلُ تارة ويجُودُ
اذا فاض دمعي واستهل على خدي
إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي
وجاذبني شوقي إلى العلم السّعدي
أذكر قومي ظلمهم لي وبغيهم
وقلة َ إنصافي على القربِ والبعدِ
بَنَيْتُ لهمْ بالسَّيفِ مجْداً مُشيّداً
فلّما تناهى مجدهمْ هدموا مجدي
يعيبونَ لوني بالسواد وإنما
فعالهم بالخبث أسودُ من جلدي
فواذلّ جيراني إذا غبتُ عنهمُ
وطالَ المدَى ماذا يلاقونَ من بَعدي
أَتحْسبُ قَيْسٌ أنَّني بعد طردِهمْ
أخافُ الأعادي أو أذلَُ من الطَّردِ
وكيفَ يحلَُ الذُلّ قلبي وصارمي
إذا اهتزَّ قَلْبُ الضَّدِّ يخْفِقُ كالرَّعْد
متى سلّ في كفِّي بيوم كريهة
فلا فَرْقَ ما بيْنَ المشايخ والمُرْدِ
وما الفخرٌ إلاّ أنْ تكونَ عمامتي
مكوّرة َ الأطرافِ بالصّارم الهندي
نديميّ إمّا غبتما بعد سكرة ٍ
فلا تذكرا أطلالَ سلمى ولاهندِ
ولا تَذْكرا لي غيرَ خَيلٍ مُغيرة ٍ
ونقعْ غبارٍ حالك اللّون مسودّ
فإنّ غبارَ الصّافِنات إذا علا
نشقتُ لهُ ريحاً ألذَّ منَ النّدّ
وريحانتي رمحي وكاساتُ مجلسي
جماجمُ ساداتِ حراصٍ على المجد
ولي منْ حسامي كلّ يوْمٍ على الثَرى
نقوشُ دمٍ تغني النَّدامى عن الوردِ
وليْسَ يَعيبُ السَّيفَ إخلاقُ غِمْدِه
إذا كانَ في يوم الوغى قاطع الحدّ
فلِلَّهِ دَرِّي كمْ غُبارٍ قطَعْتُهُ
على ضامر الجنبين معتدلِ القدّ
وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبّددت
هزاماً كأسرابِ القطاءِ إلى الوردِ
فزَارة ُ قد هيَجتُم لَيثَ غابة ٍ
ولم تفرقوا بين الضلالة ِ والرُّشدِ
فقولوا لِحصْنٍ إنْ تَعانَى عدَاوَتي
يبيتُ على نارٍ من الحزنِ والوجدِ